القمع إشارة الهزيمة




مقالة : القمع إشارة الهزيمة 
بقلم : الجازي ..

الأنظمة والدول الضعيفة هي التي ترعبها الكلمة، يخيفها القلم ،وتخشى العقول المفكرة، لذلك فإنك تراها تصدر أحكاما اعتباطية وقرارات ارتجالية حتى أنها لا تتوارى في استخدام القمع منها السياسي والفكري والاجتماعي لتضمن استمرارها ، ولكن هل فعلا بالقمع تستقيم الشعوب. 
سأحاول في مقالي المتواضع الإجابة على هذا السؤال من خلال استعانتي بالتاريخ.
حاربت الدولة العباسية أعداؤها وخصومها السياسيين حربا لا هوادة فيها واضطهدت كل من ناوأ السياسة التي كان ينتهجها الخلفاء العباسيين اضطهادا قاسيا . إذا أردت عزيزي القارئ أن تعرف مدى قوة أي دولة فأنظر إلى سجونها لأن السجون لا تكتظ إلا نتيجة الخوف ، فالقمع يولد من رحم الخوف.
ولو نظرنا إلى السجون في عهد الدولة العباسية فإنها احتوت على كافة أطياف المجتمع : سجناء السياسة ، القضايا الاجتماعية والإدارية من الوزراء والكتاب و سجناء التطرف المذهبي (الراوندية+الزنادقة) وسجناء محنة خلق القرآن التي شهدها عصر الخليفة المأمون وسجناء الفكر بالإضافة إلى سجناء المعتزلة ، حيث استخدم أيضا ضد السجناء أساليب تعذيب متنوعة ومتعددة تميزت بالفظاعة واللارحمة التي تخالف تعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء.
مما ترتب على ذلك قيام العديد من الثورات في أقاليم وبلدان مختلفة بسبب الظلم والجور منها : ثورة أهل الموصل على أميرهم يحيى بن محمد العباسي لكثرة ما أراق من الدماء و اشتعلت ثورة في خراسان بزعامة شريك بن شيخ المهري  لنفس السبب ، أضف على ذلك ثورة المزارعة الأقباط في مصر و ثورة أهل الذمة في لبنان لإرهاقهم بجباية الخراج، وأشهر هذه الثورات ثورة الزنج التي قام بها الرقيق المستخدمون في استصلاح الأراضي وانضم إليهم العبيد من القرى والمدن المجاورة لسوء أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية ، وغيرها الكثير حتى سقوطها مما يدل أن القمع يستفز الشعوب لا يخضعها.
في النهاية أود أن اختم مقالي هذا بتساؤل لماذا لا يقرأ جلادون اليوم التاريخ ؟ لو أنهم تصفحوا كتب التاريخ قليلا لوفروا على أنفسهم وعلى شعوبهم الشيء الكثير لعرفوا أن الحرية غالية الثمن ولحقنوا الكثير من الدماء. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نادي التاريخ الثقافي

المذكرات الشخصية كمصدر تاريخي

( النساء في الاندلس )