‏الرواية التاريخية ومامدى صدقها...





‏في البداية كانت الرواية التاريخية ولاتزال مصدر شك وتحقيق من قبل الباحثين وقد وردت العديد من الروايات التي تطرح موضوع او موقف معين ولكننا عندما نبحر في المصادر التي تناولت الموضوع نجدها اما مزورة او لم تعاصر هذه الفترة. 
‏  من ابرز الامثلة على تلك الاحداث هي عبور القائد الاسلامي طارق بن زياد لمضيق جبل طارق وإلقائه الخطبة المشهورة ( ان البحر من خلفكم والعدو من امامكم فأين المفر ) من المعروف ان جيش المسلمين ٧٠٠٠ جندي منهم ٦٧٠٠ بربري فكيف يحدث الغالبية بالعربية وان هذه الرواية لم يرويها الا مؤرخ جاء بعد تلك الاحداث بفترة طويلة وانفرد فيها. كذلك مسألة حرق السفن لكي لايتراجع الجنود عن فتح البلاد وهذه الرواية لم ترد الا في ثلاثة مصادر الا و هي كتاب الاكتفا لابن الكردبوس وكتاب نزهة المشتاق للإدريسي وكتاب الروض المعطار للحميري والغريب من ذلك ان كل واحد من هؤلاء المؤرخين يذكر سبب لحرق السفن فالبعض يرى انه احرقها ليشجع الجنود على القتال واما الحميري فأشار ان مسألة الحرق تأتي بسبب ان البربر لم يثقوا بالعرب في ساحة المعركة فأرادو ان يحرقوها لخلاف حدث بينهم وبين العرب الذين يعملون تحت قيادة طارق بن زياد. 
‏نلاحظ ان مسألة حرق السفن تكررت كثيرا في التاريخ مثل قصة فاتح جزيرة صقلية اسد بن الفرات ٢١٢هـ الذي اراد حرق السفن ليشجع جنوده ولكن منعه قواده من ذلك وليضعوا خطط للأنسحاب ولا يحصروا نفسهم في خطة واحدة. من الامثلة القديمة لمسألة حرق السفن قصة ارياط الحبشي الذي عبر البحر الى اليمن والقى خطبته المشهورة واحرق السفن بحجة عدم الهروب وكذلك تكررت الحادثة مع القائد الفارسي وهرز الذي بعثة كسرى مع سيف بن ذي يزن الى اليمن لتحرير الحبشة وقد احرق سفنه والقى خطبة مشابهة لخطبة طارق بن زياد.  
‏  لكننا لو رجعنا للمصادر الموثوقة مثل تاريخ الطبري والكامل لابن الاثير و البيان المغرب لأبن عذاري وتكملة الصلة لابن الابار  وغيرهم من امهات الكتب لوجدنا الحقيقة غير ذلك ولو دققنا في معظم تلك الروايات المكذوبة نرى ان الاراء والاسباب فيما بينها تتضارب ولاصحة ولاسند لها ونرى ان هذه القصص تتكرر في ازمنة مختلفة.




بقلم : أ.فهد العازمي
@fahdayad

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نادي التاريخ الثقافي

المذكرات الشخصية كمصدر تاريخي

( النساء في الاندلس )