المؤرخ المتميز




علم التاريخ حاله كحال بقية العلوم فهو يخضع لعملية التجديد والابتكار ، وهذا ما لا يفمه كثير ممن خاض ميدان هذا العلم البحر، فالأغلب يعتقد أن التاريخ كعلم هو فقط حفظ الارقام الأحداث الشخصيات والألقاب ، وفي الحقيقة أن ما ذكر آنفاً هو آلة من آلات المؤرخ واجب استحضارها على الأقل عند الإقدام على التكلم  في حدث معين فلا مانع من المراجعة وتقييد بعض الارقام للاستذكار عند عرض الحدث .

أما ما يميز المؤرخ النافع هو التحليل والجمع ومقابلة الروايات المتعارضة وفك التعارض بطريقة منصفة فنية ، من خلال العرض الشامل للحدث من كل المصادر مع اختلاف مذاهب كتابها العقدية والفكرية ، وايضاً استحضار كتب الجغرافيا وكتب الأدب إن وجد ما يخص الحادثة التاريخية لما في مثل هذه الكتب من أدلة ومعلومات تفيد المؤرخ بل وتعينه على التحليل والعرض المنصف   . 

دراسة التاريخ ليست حفظ قصصه وسردها للناس بطريقة التشويق فقط، بل الواجب أن يرافق ذاك السرد التمحيص والتدقيق وفك الرموز الخفية ، والتساؤلات الذكية، سواء بزمان الحدث أو ما بعده حتى تعرف التاريخ ليس بعنوانه بل بحقيقته وتستفيد منه . 

هذا العلم يريد من يقتحمه ويفهمه لا من يحمله ويرفعه ، فالتاريخ يحتاج من يقرأه لا من يسرده، بل يكذبه - إن صح التعبير- حتى يبحث ويجتهد ليصدقه، ولن ترى ذلك إلا عند المؤرخ الحقيقي المتميز ،   إليكم أ.د.عبدالهادي العجمي رئيس قسم التاريخ بجامعة الكويت مثالاً واضحاً وقدوة في هذا الشأن .


للحديث بقية ...

ما بعد النقطة :

من أشنع الأخطاء اقبال المرء على تعلم علم ما وهو مرتدي ثوب التقليد وممتطي مبدأ من أنا كي آتي بجديد . 


بقلم : فهد بن رشاش 
@bin_rshash

كُتبت هذه الكلمات أثناء رحلة قسم التاريخ للأردن.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نادي التاريخ الثقافي

المذكرات الشخصية كمصدر تاريخي

( النساء في الاندلس )