نحن متأخرون ؟



نحن متأخرون  ؟

حياتنا عبارة عن سباق وتسابق بكل الأمور ، والظفر والفوز ليس دائماً للأوائل ، فالأولية هي غالباً تُوجد الباب وتطرقه محاولةً الدخول  فهي بمثابة الشمعة للآخرين ، هذا حال التقدم أم التأخر فحالاته قاسية مريرة بل ومزيفة يبدو ذلك بواقعنا . 


لأننا نرى التطور من الانسلاخ عن الدين والقيم والأعراف  نحن متأخرون ، لأننا ما زلنا نكرر الأسئلة حول الأبجديات ونكرر السماع لاجوبتها نحن متأخرون ، لأننا نسأل عن انتصارات أسلافنا متعطشون لسماع قصصهم كي ننام باكراً نحن متأخرون ، ولأننا فقط نسرد بطولاتهم تفاخراً نحن متأخرون .

لاننا نقلد ونقتدي بدول تظهر التطور والرقي وهي غارقة بالديون مدمنة على الدماء متقلدة الانحلال الاخلاقي (معظم الغرب وعلى رأسهما فرنسا وايضاً أميركا ) وبالوقت ذاته نتغافل عن انجازات وبزوغ نجم قد كان منطفئ (تركيا الحالية) لأنه فقط مناهض لادعياء التطور المزيف نحن متأخرون ، لأننا نرى الدين فقط صلاة وصيام نحن متأخرون ، لأننا نرى أمننا متعلق بقوة غيرنا نحن متأخرون .

لأننا أول من يقرأ وآخر من يفهم ليطبق [إن فهمنا المراد حقاً] نحن متأخرون ، لأننا نتفاخر بالماضي ونرى الحاضر هو المستقبل الذي نتمناه لأبنائنا نحن متأخرون .

تأخرنا وسنتأخر لأننا ما زلنا نرى تاريخ أسلافنا قصص للنوم وملاحم للتفاخر ووسادة لسكب العبرات وموضع اللوم والحسرات ، وعباءة نخفي بها حقيقة طموحاتنا الشخصية المحدودة دون استشعار أن الأمة جسد واحد تجمعها مبادئ عامة رئيسية هي في صالح الجميع . 

تأخرنا لم يكن دهاء أو تريث ولا حتى مرغمين عليه ، بل هو نتيجة عدم تقديرنا لما معنا وعندنا ! لدينا عوامل الازدهار كلها وافضلها : دين وحضارة  ومحفزات الارادة ، وثراوت طبيعية ، لكننا نعجز عن تصديق كل هذا لأننا متأخرين غير مدركين ، نحن فقط نشعر بحماس التسابق والتقدم بالبرامج الهابطة السخيفة التي أشغلت الصغار  قبل الكبار .

في الحقيقة نحن نرى التأخر ميزة كي لا تظهر رؤوسنا أمام من نسميهم الدول المتقدمة والقوى العظمى ، وكأن الخوف  قد أصبح عنواننا ، مقتنعين بأن هذه الدول والقوى تخشى حضارة ما ! ونحن ما زلنا مُصرين على أن المقصود غيرنا !. 

من اشكال تأخرنا تلك الحملات التي نقيمها لجمع التبرعات من اطمعه وملابس وأموال ؛ وكأننا نجهز المنكوب ونزينه ونشبعه ليُقتل ! وعكس ذلك ليس بقطع هذه المعونات وترك المنكوب يقتل ، بل المطلوب هو التجرأ لحمايتهم والدفاع عنهم بشكل حقيقي وصريح لا الضعف بلباس الدبلوماسية المصطنعة للأسف .

أيها المتأخرون من سبقكم بعصركم ومن سيسبقكم  فيما بعد ليسوا من كوكب آخر ! بل هم فقط فهموا حقيقة القوة ومعنى الحضارة وذاقوا طعم الأمل  ، هذا فقط ما جعلهم يسبقونكم .



ما بعد النقطة :
التأخر يجب أن نراه مرض عارض نستطيع أن نقوم منه وبصحة أفضل ، افيقوا فحتى النوم قد ملّ منّا .


بقلم :
فهد بن رشاش 
@bin_rshash

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نادي التاريخ الثقافي

المذكرات الشخصية كمصدر تاريخي

( النساء في الاندلس )