وزارة عين عذاري ..



من الحقائق المعتبرة في هذه الدنيا أن المتخصص يحترم ويقدر لتخصصه ، لا أن يكون التخصص عبء على صاحبه حتى يذهب به في غير مكانه الصحيح بحجة أن هناك اكتفاء أو تكدس وظيفي !

انتشر مؤخراً قرار أو اقتراح برفض قبول خريجي تخصص التاريخ كلية الآداب كمعلمين في مدارس وزارة التربية كونهم يزاحمون بذلك زملائهم المتخصصون بالتاريخ كلية التربية ! قد تكون هذه مشكلة في الحقيقة إلا أن حلها لا يكون على حساب الطلاب الذين اجتهدوا والتحقوا بكلية الآداب تخصص التاريخ ، بل إن كان هناك معضلة حقيقية سواء بالإكتفاء أو تضخم عدد الخريجين لابد وان يكون الحل ابتدائي بمعنى أن يكون لمن سيتخصص بقسم التاريخ كلية الآداب لا من تخصص ودرس عدة سنوات فيفاجئ أنه سكرتير بالصحة أو كاتب بإحدى الوزارات ! 

إحدى الحجج التي تتحجج بها الوزارة أن طلبة الآداب لا يدرسون المواد التربوية التي تمهدهم كمعلمين وكأن الطالبات والطلاب بالآداب دراستهم فنية عملية خالية من المبادئ التربوية العامة ؟! بل هم في الحقيقة يدرسون علوم متكاملة تقودهم لنتيجة واحدة وهي مؤرخ معلم واسع الإطلاع مع ما اكتسبوه من أساتذتهم من الطرق والمبادئ التربوية ، يتضح ذلك أثناء ما يسمى بالمقابلة الشخصية لكل متقدم لمهنة معلم من خلالها تعرفون مدى قدرة المتقدم لهذه المهنة العظيمة . 

ثم لابد أن يكون هناك جدول ودراسة واضحة للوظائف المناسبة لكل تخصص قبل أن يتخرج ويتفاجئ أن المؤرخ سيكون كاتب في إحدى المستوصفات أو مدخل بيانات بإحدى الوزارت ! إن كانت حجة عدم أخذ خريجي الاداب للمواد التربوية هي سبب  منطقي لرفضهم كمعلمين كذلك لا يحق لديوان الخدمة توظيفهم بوظائف ليس لها صلة بمجال دراستهم فطلاب تخصص  التاريخ كلية الآداب لم يكن من مناهج دراستهم مادة مدخل بيانات ولا مادة مبادئ سكرتارية أو مادة علاقات عامة ! أين المنطق في هذا الرفض وأين الإنصاف ؟! 

أخطر ما نخشاه من هذا كله أن يكون السبب بعدم قبول الطالبات والطلاب هو الترشيد الذي أرادوه نعمة ومحافظة فأصبح على المواطنون نقمة ومعاقبة ، هذا ما يفهمه الطالب والطالبة عندما يقرأ الصحف ويرى تلك الرحلات التي تقوم بها الوزارة لتوقيع عقود التعاون مع الدول المجاورة للتعاقد مع المعلمين والمعلمات وكأن خريجي الجامعة  كتب عليهم أن يكونوا طلاب لا يحق لهم أن يكونوا معلمين ! أوليس أبناء الوطن أولى من غيرهم ؟ ولمَ تشجعونهم على الدراسة الجامعية ؟ بل ولمَ الترويج للتخصصات وقبول الطلاب بها إن كنتم في حالة اكتفاء أو مشكلة ترشيد ؟ 

المسألة لا تختزل فقط بخريجي التاريخ كلية الآداب بل هي تشمل جميع الكليات وبكل التخصصات لابد وان يكون للوزارة وإدارة الجامعة العليا خطة واضحة بالنسبة لمخرجات التخصص بعد تخرجهم . 

ما بعد النقطة :
المثل المشهور عين عذاري لأول مرة يطلق على وزارة ، فتترك الطاقات الشبابية المُجهزة والقريبة وتتعاقد مع الشعوب الأخرى البعيدة وكأننا بدولة ليس بها جامعة سنوياً تخرج الأكفاء والمتميزون من أبناء الوطن .


بقلم :
فهد بن رشاش 
@bin_rshash


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نادي التاريخ الثقافي

المذكرات الشخصية كمصدر تاريخي

( النساء في الاندلس )