الغش واجب إجتماعي .. !




- الغش واجب إجتماعي .. !
من منا لم يغش في الامتحان؟ قد يبدو للبعض موضوعاً تافهاً للمناقشة في ظل وجود أحداث و أزمات حقيقية أجدر بالطرح. فماهي المصيبة التي من الممكن أن تحدث اذا ما نقل صبي أهبل إجابة من زميله! ولن يموت أحد اذا ما استعانت طالبة (بالبرشامة) ولا ننسى أن مادة اللغة الإنجليزية صعبة على الطلاب، ولا نلوم أولياء الأمور على خوفهم وسعيهم لشراء سماعات لمساعدة أبناءهم على النجاح. هذه ليست وجهة نظري ولكنها وجهة نظر مجموعة ليست بأقلية في مجتمعنا.
لا نحتاج أن نعمل احصائيات لتثبت مدى انتشار ظاهرة الغش في المدارس والجامعات، لأنني على يقين أن الأمر واضحاً للجميع بل أصبح للأسف لازماً للبعض معتبرينه طريقاً مشروعاً للنجاح. [ لعلالأساتذة و الدكاترة الكرام هم أعلم بذلك  ] مع أن الكل يعلم أن من غشنا فليس منا، إلا أن كل الذين منا يغشون .
لا أريد هنا أن أعطي مواعظ أو أسرد النتائج  للاأخلاقية لهذا الفعل،وعلى أن الغالبية لا تدرك الربط المباشر إلا أن الجميع يستشعر سوء الفعل من خلال مانراه من فساد اداري و توقف الانجازات الواقعية في وزارات الدولة المختلفة لكنني وددت أن أطرح سؤالاً أظن أن إجابته سوف تصل بنا لفهم أفضل وممكن أن يقود للحل .
لماذا يغش الطالب!؟
على الرغم من أن غالبية  مناهجنا قائمة على التلقين المباشر وما يبنى عليه من اختبارات محددة وفقاً لهذا الإطار بحيث يقع على الطالب عبء الدراسة والحفظ  وإن كانت هناك صعوبات فهي ليست تعجيزية في الغالب . اذا لماذا يلجأ الطلاب الى حلول لا أخلاقية لضمان نجاحهم ؟  ويتخلون عن القيام بواجباتهم المطلوبة؟ وحتى نستطيع أن ندرك الإجابة علينا أن نستحضر ذكرياتنا لمشوارنا الدراسي منذ مراحله الأولى. وسوف أشير الى تجربتي الشخصية التي أظن أنها مشابه لما مر به الغالبية .
منذ دخولي للمرحلة الابتدائية ولدى عودتي من المدرسة كل يوم أصر على والدتي أن تعمل كمعلمة في مدرستي. فـ( بنت الأبلة ) تحصل على العديد من المزايا على سبيل المثال الفطائر الساخنة المجانية من قسم والدتها، مراعاة المعلمات لها في الحصص الدراسية. تفوقها كل عام وغالباً من الأوائل. فمنذ ذلك الحين أدركت أن الواسطة شرطاً للتميز.




 وبعد دخولي المرحلة المتوسطة تعلمت أن من واجبات الصداقة أن تقوم بمساعدة الصديق في الاختبار ولا يعتبر ذلك غشاً لأنك لم تقم بنقل كل الاختبار . وفي حال أبدى أحدهم الامتناع وصف ب( النحيس ) و ( مصطفى) . كما صادفت مراقبات بلا ذمه يخبروننا أن ننقل الإجابات دون إحداث صوت . وفي المرحلة الثانوية وهي المرحلة الأصعب والمحددة للمستقبل فتكثر الواسطات. ونبدأ باكتشاف أساليب جديدة للمساعدة في النجاح . ويبدأ أولياء الأمور في تسخير كل شيء للأبنائهم بدأ من المدرسين الخصوصين ومذكرات وحتى السماعات والحرص على توصية أقاربهم الذين يستطيعون الوصول إلى اللجنة . هل انتهينا ؟ إن موضوع الغش لم يعد ظاهرة بل كارثة أخلاقية ابتلي بها المجتمع ولا يستطيع أحد أن ينكر ذلك.
فهل الخلل في الطالب وحده ؟ أم المعلم والمراقب الذي لم يقم بدوره ؟ أم أولياء الأمور الذين يشجعون هذا السلوك ؟
ولماذا أصبح الكل مهووس بالحصول على الشهادة بأي وسيلة؟ في حين ضاع في الوسط المعنى الحقيقي لتعليم . إن الأمر أكبر من أن يفصل في مقالة و متشعب في سلوك مجتمعنا حتى النخاع ويستدعي الموضوع النظر له بجدية أكبر في محاولة لسعي لمواجهة هذا الفساد الأخلاقي وفي حين أن مقترحات العقاب للغش مثل الفصل المؤقت و الرسوب في الأختبار تقع فقط على الطالب دون إدراك لواقعه المحيط به. فهذه المشكلة بحاجة لبحث جاد وجهود كبيرة لوضع حلول مبتكرة متناسب مع حجمها الحقيقي .
وعلي في الأخير أن أقوم بالتذكير بشأن الصبي الأهبل الذي يتساهل الأغلبية فعله قد كبر وعمل في وزارتنا وبفضل واسطاته العريقة سيكون وكيلاً أو وزيراً فمن يدري؟ :/

بقلم : مشاعل المطيري
Mhj962‬⁩@ 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نادي التاريخ الثقافي

المذكرات الشخصية كمصدر تاريخي

( النساء في الاندلس )