حملة بونابرت وقيام المجمع العلمي المصري




تعتبر الحملة التي قام بها بونابرت على مصر مرحلة مهمة من مراحل التطور السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي في مصر ، حيث لعب المجمع العلمي المصري دوراً هاماً في تطوير الحياة وازدهارها في مصر في كافة المجالات.
ويأتي ذلك بعد أعقاب الحملة الفرنسية التي قام بها بونابرت على مصر (1798-1801م) ، حيث قام بونابرت بتأسيس المجمع العلمي المصري ، واختار لعضويته خلاصة أعضاء بعثة العلوم والفنون التي صحبته إلى مصر والتي كانت تتكون من طائفة من علماء فرنسا ونوابغها في مختلف مجالات العلم والمعرفة ، وكان الغرض من هذا المجمع كما أشار إليه بونابرت ، هو تقدم العلوم والمعارف في مصر ، دراسة المسائل والأبحاث الطبيعية والصناعية والتاريخية الخاصة بمصر ونشر هذه الأبحاث ، وإبداء رأي المجمع العلمي للحكومة في المسائل التي تستشيره فيها ، حيث بذل أعضاؤه جهوداً كبيرة في خدمة العلم والفن ، وكانوا دائمي النشاط مجدين في أعمالهم مثابرين في أبحاثهم ، فأنشأوا في المجمع مكتبة تحوي نفس الكتب التي أحضر بعضها أعضاء بعثة العلوم والفنون من فرنسا، وجمع بعضها الآخر من مساجد مصر وأضرحتها، ومن خزائن الكتب في القاهرة وغيرها من المدن المصرية ، كما أنشأوا مراكز للأبحاث الرياضية ، وأنشأوا كذلك بالقاهرة مطبعة فرنسية وأخرى عربية وأصدروا الصحف والنشرات العلمية ،  وقاموا كذلك برسم خرائط لمصر ونيلها وترعها وسواحلها ، ودرسوا مياه النيل ، كما بحثوا في عادات المصريين وتقاليدهم وطبائع الحيوانات والمعادن المصرية ، وتمكنوا بذلك من دراسة كل أحوال مصر الطبيعية والجغرافية والتاريخية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
على الرغم من فشل الحملة الفرنسية في تحقيق أهدافها العسكرية والاستراتيجية ، فقد ترتبت عليها نتائج سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية هامة غيرت وجه الحياة في مصر والبلاد العربية بأسرها ، ومن أهم هذه النتائج التي تتجلى في المؤثرات السياسية والثقافية والحضارية التي بدأت تظهر نتيجة للاحتكاك بل الاصطدام المباشر بين الحضارة العربية والإسلامية في مصر والبلاد العربية ، والحضارة الغربية المسيحية متمثلة قي فرنسا والبلاد الغربية المسيحية.
وفي النهاية كان لمجيء الحملة الفرنسية لمصر واحتلالها للقاهرة دور في إيقاظها من سباتها العميق وفتح أعينها و مداركها لما يدور حولها من أحداث وما يحاك ضدها من مؤامرات ، حيث كانت الحملة بمثابة النافذة التي أطلت منها مصر والبلاد العربية التي كانت منغلقة على نفسها طوال فترة الحكم العثماني على أوروبا الغربية.

بقلم :
alnasserm9009@gmail.com


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نادي التاريخ الثقافي

المذكرات الشخصية كمصدر تاريخي

( النساء في الاندلس )